السبت، فبراير 10



تاريخ مضى




هل تدركين آخر مرة كتبت فيها عنكِ
لقد مرت شهور عليها
أشعر بالجفاف تماما من كل أماكن الحروف

هل يصل الإنسان لتلك مرحلة بعد العديد من الأمور الصادمة بالنسبة له
 بغض النظر أكان الآخرين يقصدون أذيته بها أو لا ؟

الأمر مخيف ..
أن أفقد الإلهام الذي يجعلني أكتب وأكتب لشهور بل ربما الآن لسنين
شعور بغاية السوء

إنني أفكر كثيرًا ..
تنطرح الكلمات في عقلي كثيرًا
لكنني لا أقوى على خطها
لا أوامر من عقلي أبدًا بخطها
لا شيء من ذلك أحس به

أشعر أني فقدت العديد من الأمور بإقناع نفسي بأني تجاوزتها.. بينما هي لا تزال بداخلي تُدوّي عنيفًا
محدثة
خلالًا كبير في تعاملاتي..
فجوة شاسعة في تركيزي

محطمة
العديد من السعادة التي كنت أستطيع أن أصنعها بنفسي

لكن الآن لا شيء

لا شيء على الإطلاق

لدي نصيحة عميقة لك
لا تفعل ذلك بنفسك، واجه ما ترغب بما تريد
أخبرهم عن حزنك العميق تجاه تصرفه، رده،
 وخيبة الأمل التي أحدثها تجاهك
على التعود الذي سحرك به تواجده، لطفه
على التفاهم الذي لم تجده في أحد بعده
على كل الأشياء التي تركك بها وحدك .. والمعاني التي ترسبت بعمق فيك وتشتاق إليها
على الروح التي كانت بينكم
على التكامل الذي كان يحدث في أبسط المواقف
على الكلمات التي كنتما تنطقونها معًا
أخبرهم ولا تكتم
مقنعًا نفسك أنك أقوى من هذه الأشياء البسيطة

ركز جيدًا وأنت تدرك مشاعرك
 وأنت تعرف أسباب حزنك
لا تخلط الأمور ببعضها
كن عادلًا مع كل ذلك .. عادلًا مع نفسك ومعهم
كن صلبًا مع هذه التشققات
استعن بالله
لكن لا تدع الأمور تمر كما لو لم تكن
ركز جيدًا لأنك إن لم تفعل

ستمر الشهور لتدرك عميقًا كم فقدت من عقلك في محاولات نسيان الكثير هذه
سامح وأنت تدرك
تجاوز وأنت تعي

تقدم بحياتك بإرادتك
استعن بالله

لكن لا تغفل بل تغافل والفرق بينهما كبير 

لتلك الجميلة مجددًا  



هل مرت ثلاث سنوات إلا كم شهر حقًا على آخر تدوينه عنك 
أيتها الجميلة 
لا أصدق كيف مرت الأيام بهذا الشكل 
ولن أقول بتلك السرعة 
فالمرات التي أراك فيها قليلة.. قلة ظهور القمر مكتملًا في سماء صافية السحب مع نجوم جميلة 

..
لا يمكنني قول شيء غير أني آسفة أني لم أكتب عنك كل هذه المدة
لقد مررت بالكثير
ولا أخفيك.. كان حضورك القليل من الأمور التي تعيد لقلبي البهجة في وسط كل الأحداث 

أنا أحبك كثيرًا هل تعلمين هذا؟ 

حينما تكبرين ربما تقرأين هذا.. 

أرجوك صدقي أني أحبك حقًا 



الأحد، أكتوبر 9

الفتاة الجميلة

هكذا قالوا بأنه معنى اسمك .. سأخبرك أمرًا بهذه المناسبة
الجمال عندنا في الأسرة له معنى يختلف عن كل المعاني عشت، ما عشت ولم أجد أجمل منه، فصدقيني هو الأفضل في كل المعاني..
الجمال في عائلتنا ليست عيونًا ملونة أو حتى سوداء فاتنة الجمال برسمها ودقتها، ولا قوام جميل، أو شعر منسدل، أو بياض أو سمرة،  كانت معايير الجمال في عائلتنا دائمًا الأخلاق.. فتاة جميلة في عائلتنا تعني فتاة مهذبة.
وبكل صدق كم كنت أغبط نفسي على الشعور بذلك، فأنا لم أكبر ولدي عقدة وسؤال برأسي يدور يوميًا.. هل أنا جميلة أم لا؟!! 
بل حينما كانت طفلة منا تعاير أحدًا أو تصف أحدًا ما.. كما يحدث في العادة، مباشرة كان يجاب عليها.. أنت لم تخلقي نفسك ولا هم فعلوا إنما الجمال يكمن في أخلاقك.. حيث يمكنك خلقها فكوني جميلة في شيء أنت تملكين تغييره لا في شيء  لا تملكين من أمرك فيه شيء، كنا لا نبالي بهذه الكلمات كثيرًا حينها، ظنًا منا أنهم يحاولون الهروب من أسئلتنا الكونية العميقة وإرضاء لذواتنا  البسيطة وعدم جرح لكرامتنا حين نسمع أننا لسنا بذاك الجمال،  لا أقصد أي معنى خاص مما قلت.. فقط خطر ببالي ذلك
..
أتعلمين..
 أنا أكتب هذه المقالة وأنت قد بلغت عامك الأول، أتممت عامًا كاملًا  أصبحت الآن تسيرين بشكل جيد.. أصبح لديك بعض الحروف الغير مفهومة حتمًا.. لكني أفكر بكتابة تلك المقالة منذ علمت بقدمك أي: ما يزيد عن 365 يومًا أو يزيد، وماذا أقول؟ سامح الله من كان السبب في انغلاق نفسي عن التعبير لك
دعيني أوضح لك.. هذه المقالة ستكون طويلة نوعًا ما فلتعذري بقدر عمرك الآن ما كتمته بداخلي لأخبرك به عبر تلك الأيام..
في حين أني أتمني فعليًا أن تتمكني من قراءة هذه المقالة حين تكبرين.. لعل صدق الرغبة بدخلي يوصلها لك من حيث لا أحتسب أو أعلم.
كنت نقطة تحول كبيرة في أسرتي، حين عرفنا بوجودك.. وبغض النظر عن كل الأحوال وجميعها -إنني أؤكد هنا لتعلمي حقًا ما أرغب به- وحتى حين تعديناها .. حين أصبحت تحضرين إلينا وأول مرة هدأت في يد إحدانا أو ابتسمت ولعبت، حين تعلمت بعض الحركات منا وصفقت أو أشرت بيدك الصغيرة ملوحة بالذهاب، وحين أكلت أو غنينا معًا أو مشيت.. كانت السعادة بك لا توصف ولا زالت.. أخذتني الآن تلك المعاني لمن اعتنى بي منذ كنت بعمرك وحتى الآن حيث أني شارفت على إنهاء ما يزيد عن ربع قرن في الدنيا
أمي.. جدتي..  خالي.. خالتي ..كيف كان شعورهم حينما عرفوا بقدومي
اتسأل كيف استقبلوا ذلك الخبر!!.. وكيف مضت الأيام ليروني أحبو،  أنطق وأمشي وصبروا على تربيتي وتحفيزي، لعل خالي على وجه الخصوص لا يذكر أني ارتديت الحجاب في طفولتي رغم المغريات الكثيرة إلا من أجل كلماته التحفيزية وعباراته اللطيفة وبشاشة وجهه ورؤيته سعيدًا بحجابي وبرغم بعد المسافة وانعدام اللقاء إلا على فترات متباعدة جدًا، إلا أن كلماته التي رددها علينا في كل وداع مؤقت والتي لم أفهمها إلا في العشرين من عمري، لكنها كانت زادًا لقلبي ووقودًا لروحي، أنه وإن عدم اللقاء فتواصلنا بالقلوب.. و كانت تلك الكلمات كفيلة بإشعال فتيل الرغبة فينا بإسعاده بما يأمرنا مهما كان صغيرًا
ومنذ ذلك الوقت وخالي كلما ارتدت إحدانا النقاب أو الحجاب لا تفارق البسمة شفتيه ويبالغ في بشاشته فرحًا بها وتهنئتها بل ويخبر الجميع بين لحظات وأخرى أن يعيدوا تهنئة تلك المحظوظة.. أتعلمين؟ مع فارق الشعور بلا شك كنت أشعر بالغيرة والغبطة لتلك الصغيرة التي كبرت، أشعر بأني أريد أن أرتديه من جديد ويا لتلك الأيام!!
 هل تعلمين لم أخبرك بذلك؟
 إنني أفكر كثيرًا أن كل ما سأقوله لكِ منذ الآن سيعتبر قانون عندك إن أحببتني، أو حتى لم تحبيني سيكون له وقع وتأثير شديد طوال حياتك كما كنت .. فأنا لم أنس اهتمام جدتي بتعليمنا اللغة العربية وحفظ القرآن ..ولم أنس اهتمام خالي بالحجاب والستر ولم أنسى خالتي التي كانت دومًا تحافظ على نفسيتنا بشكل مبهر، ولم أنس أمي التي كانت ترعانا بصبرها وطيبتها، لم أنسى خالتي الأخرى التي كانت تهدينا القصص، تلك القصص التي كانت سببًا لاهتمامي وحبي الشديد بسرايفو ..وخالتي التي كانت تحب العمل في محيط تملؤه  أناشيد عبقها المقاومة والشهادة .. ومن هنا أصبحت مولعة بهم وبأخبارهم وأتابعها، هل تدركين الآن عمق تأثير هذا؟
 كنت أكبرك بخمس سنوات حين بدأت أتأثر بهم .. الآن حتمًا كل خلية مني تشكرهم، بل والله تقدرهم وتحبهم، أعلم كم مرت علينا من أمور ربما جعلتهم بسوء أدب مني يعتقدون أنهم لم يتركوا ذلك الأثر، لكن التفكير بك وبالكتابة إليكِ يجعلني أدرك حجمهم عندي، ما أنا إلا هم حين صبروا علي، لو كان هناك شخص واحد أتمنى أرد فيه جميلهم وأقضي ذلك الدين فأظن بأني أريدهم أن يروه فيك أنت وعمتك صغيرتي الأولى قبلك.. لا تغاري سأفضلك أكثر من عمتك حتى لكن لا تخبريها بذلك، أريدهم أن يروه فيك بعيدًا عن أطفالهم الذين فشلت أن أكون موجهًا لهم، أدرك أنهم سيدركون السبب جيدًا وليتك أنت حين تقرئين هذه المقالة تكوني توصلت لذات السبب، إنني أكتب تلك الكلمات البسيطة اعترافًا مني بجميلهم الكبير، ورغبة بحفر تلك الحقيقة لكل من عرفني يومًا ولكِ بالأخص أريد أن تعرفي أني لم أدرك هذا إلا بعمر قريب، الاعتراف بفضلهم أمر مارسته كل يوم، وكل مرة نعتني أحد فيها بالغريبة، صاحبة المبادئ أو المغرورة التي لن تتنازل، في كل مرة ارتحت فيها من نفسية سيئة بسبب تعامل كنت اعترف لنفسي بجميلهم، لن تعرفي قيمة أمور كثيرة إلا بعد مدة .
رغم أن في داخلك ستعترفين كثيرًا بكل شخص يسعى لأن يجعلك فتاة مهذبة، لا تتجاهلي ذلك الصوت بداخلك الذي يخبرك أن الأخلاق هي الأفضل لمجرد أنك تعانين من الواقع، إياكِ أن تسيئ لنفسك بهذا يومًا..


أيتها الجميلة لنا لقاء جديد آخر .. قريبًا بإذن الله