حكايا أخي
المتتالية معي.. تجعلني أكتب عنها كما أعيشها..
الأمر لا يتعدى كوني واحدة في
أسرة أرجو أن تصل بنا الحياة لجنة تجمعنا..
كما قدر الله لنا بدنيا جمعتنا..
هذه
الحكاية مختلفة قليلًا..
فليس من
السهل تحمل كلمات أخي حين غضبه،
إلا أن أمي دومًا ما تذكرنا بأن الغضب له أحكام علينا
مراعاتها..
آآهـ.. لولاكِ يا
أمي بعد الله ما كنت أنا كما أنا الآن،
لا حرمكِ الله الجنة أماه..
لطالما
تعلمت أن الصمت أفضل علاج قد أقدمه لشخص غاضب،
لكن لكي تصل لتلك الدرجة ..
.
.
.
لا بد أن تقتنع بأن الرضا
هو العلاج..
لابد من
أن تمر بمراحل كثيرة..
أولها الثورة الداخلية والغضب على النفس، وربما آخرها التفهم..
لعلني لم
أصل للأخيرة بعد، لكني عازمة على الوصول لها بإذنه تعالى..
وطالما أنّي عازمة، فأنا
موقنة بأن أخي لا يقصد إيذاء أي أحد منا حتى في أشد حالاته غضبًا..
أُعرَف
في بيتنا بالمذياع لكثرة حديثي الذي لا ينتهي..
أردد كثيرًا أني أكره الصمت لذا
أُثير أحاديث تملأ هدوء الزمان..
حتى مع أخي بالسيارة لا يمكنني الصمت..
أعتقد
أن أخي أيضًا أعتاد على كثرة حكاياتي..
غالبًا ما نتكلم عن واجباتنا وما يقدره
الله لنا.. وما نمنع أنفسنا منه بسبب معاصينا.. وتسعفني كثير من المواقف التي
تحصل لأخي حتى أثبت له ويقتنع..
ومرة بعد
مرة أصبح أخي يحكي لي أمور أكثر، وعن حياته التي يعيشها بالخارج..
ولأكون صادقة
أنا أنقم على الخارج ذاك الذي لا يجعل أخي يبقى معنا مدة أطول..
تعلو نبرة
أخي أحيانًا نوعًا من الاطمئنان أو هكذا يخيل لي، نتفق على أمور كثيرة..
ولعلنا
لا نفعلها ولربما نتناساها بمجرد دخولنا للبيت إلا أن الحديث وردات الفعل ترسخ
فينا أمور..
أهدف إليها فعلًا..
الحكايات
التي تمضي مع أخي.. أشبه ما تكون للبحر، فيها حنان، وغضب، مشاعر، ركود..
إلا أن
المجال الذي يجعلنا نبدو منسجمين تمامًا.. هو التفاهم!!
وتلك هي
النقطة التي يضع الشيطان يده عليها دومًا حتى لا نراها..
لأننا لو رأيناها لاستقرت
الأسر كثيرًا، وبدأنا بمراعاة بعضنا وحتمًا هذا ليس هدفًا من أهداف (شوشو)
الشيطان..
ليست
الحياة سهلة أو متعاونة، هذا الأمر معلوم.. وكلنا يثق بهذا..
بل الأصل في الدنيا
البلاء، وكل منا له بلاؤه الخاص به بما قدره الله له..
رغم أنه بلاء إلا أنه في
طياته خير.. والصبر عليه رفعة..
والتعايش
معه والإحسان إلى الآخرين درجة عالية وكبيرة من مستلزمات الإيمان..
كلنا نفهم
ذلك..
النعيم والسعادة لا يمكن أن تأتي إلا بالقرب من
الله، وما نقدمه لأهلنا هو من التقرب لله..
الأمر لا يقتصر على صلاة وعبادة، بل كل إحسان تفعله تنويه لله هو قربة..
أغلبنا
يستخف بهذا النوع من القربات ويشعر أنها لا معنى لها ..
أخبرت أخي
ذات يوم أن معنى أن تتقي الله في أموالك ليس فقط أن لا تشتري بها حرامًا .. حتى
يبارك الله لك بها ..
لا، بل أن
تنفقها فيما أمرت به، تطعم بها يومًا جائع، تُهدي ذات يوم أمي هدية..
تتصدق بها
لمحتاج وإن لم يكن فقيرًا..
- هل عليّ أن اعطيها لكِ حتى يرضى الله عني؟ قالها أخي
ساخرًا..
هالتني الكلمة..
رددت بأناقة:
استغفر
الله وهل تشك في ذلك، يا رجل أموالك حينها ستكون في الحفظ والصون، جرب أنت فقط .
-
أنا أحيانًا أنسى ذكريني..
-
صدقني الأمر يحتاج لرغبة أكثر منه إلى تذكير أنت تعرفني
لن أسكت لكن عليك أن ترغب في أن تزكي مالك حتى يضاعفها الله لك ويبارك لك فيها..
-
أتعلمين هذا الصندوق لأجل الصدقات بإمكانك وضع أموالك
هنا إن رأيت أحد في الشارع سأعطيه..
-
حسنًا سأفعل.. بالنسبة للصندوق الآخر؟
-
لا تمدِ يدك عليه أبدًا ..
-
حسنًا لا تقلق، كنت أسأل بحسن نية..
الأمور
التي لا يعرفها الكثير..
أن تلك المحادثات أحيانًا تترك بداخلنا أثر كبير وعملاق
.. لا أنفي كأي عائلة،
آكل كلمات مأساوية بل غاية بالمأساوية، نعتذر ونعترف ونمضي
بحياة جديدة..
صفحة جديدة ، فالخلافات إن لم تنطوي ستدوم..
وأنا لا أريدها أن تدوم .. لأنني بالفعل
أريد أن تكون عائلتي كلها في الجنة معي يرفع أحدنا الآخر بعمله الطيب ..
كما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الرَّجُلَ
لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ
بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ). رواه ابن ماجه ( 3660 )، وحسَّنه الألباني في
" السلسلة الصحيحة ( 1598 ).
وكذلك ما ورد في إلحاق الآباء بدرجة الأبناء
والعكس.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (الطور/ 21).
وذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إن الله يرفع ذرية المؤمن إلى درجته
وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه "، وهو أثر صحيح، له حكم الرفع،
وانظر " السلسلة الصحيحة " ( 2490 )..
وأنقل لكم كلام الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله– في ذلك.. قال :
قال عز وجل: ( وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (الطور/21)، الذين آمنوا واتبعتهم الذرية بالإيمان، والذرية التي يكون إيمانها
تبعاً: هي الذرية الصغار، فيقول الله عز وجل: (أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ) أي: جعلنا ذريتهم تلحقهم في درجاتهم، ولهذا قال: (وَمَا
أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ، (ألتناهم) يعني: نقصناهم، يعني
: أن ذريتهم تلحق بهم، ولا يقال أخصم من درجات الآباء بقدر ما رفعتم درجات الذرية، بل يقول: (وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) ."تفسير
القرآن من الحجرات إلى الحديد" (ص 187).
فالأمر الذي يجعلك ترى ما تحب.. أن تنجو أنت أولًا.. ثم تساعد الآخرين على أن يفعلوا ..
فكل ما نرغب به حين نسعى له بعد توفيق الله وإرادته سنجده حتمًا ولا شك في ذلك..
لا حرمتم أجمعين من ذلك.. ورزقنا الله
وإياكم الفردوس الأعلى على سرر متقابلين..