الأحد، فبراير 24

حكايا أخي ..



صباح باهر يبدو عليه السعادة والسرور .. 
ذلك النسيم البارد الجميل، وضوء الشمس الخافت الذي ينشر فينا الدفئ دون أدنى حرقة .. شجعني على الحديث .
كنت أقبع بجوار أخي في الطريق إلى عملي ..
وكالعادة أردت أن أخلق جو حوار 
فسألت أخي بشجاعة: من أعز اصدقائك؟
قال: محمد عبسي. 

تطلعت إليه بنظرة انبهار..
- أنا لا أعرف هذا الشخص إلا أنني وجدت نفسي أندفع بسؤال آخر-
 -لم؟
* كان الأوفى من بين من عرفتهم..
- اعتقد أنك تعزه جدًا..
* لو طلب مالي كله لدفعته إليه..
أطلقت ضحكة مازحة..
- وكأنك تمتلك فلسًا.. 
رمقني بنظرة ساخرة وقال :
* هذه أسرار. 
- أمرك عجيب.. الحمد لله، ليس كل الرجال يعتبرون أموالهم أسرار حرب.. 
* أنا لا أعدها أسرار حرب. 
- إذًا لم لا تقلها؟ 
* هكذا، ما دخلك أنت؟ 
- هل القضية فيما يجب أن أتدخل فيه فأعرفه أو ما لا أتدخل فيه فلا أعرفه؟ 
* بالضبط هو كذلك.. 

لم يكن يهمني الأمر كل ما أثار استغرابي مبدأ الإخفاء. 

صمتُّ قليلًا ثم عدت لأسأل..
إذًا..
- ما نوع الوفاء الذي قدمه لك صديقك؟ 

نظر طويلًا وكأنه يتذكر الموقف بود.. 
قفزت من جديد.. 
- أخبرني ولا تجعلني أشعر أني في عمق الموساد استخرج أجوبة.. 
ابتسم وقال:
* اخرجني من محنه بشكل رهيب.. 
- أنت ممتن له أم تحبه؟ 
* وهل هناك فرق؟
- بالنسبة لي نعم.. يعني هل تشعر أنك مدين له لذلك تشعر بمحبته أم أنك تحبه لأجله هو؟ 
* أنت دقيقة في أمورك!! أنا أحبه وممتن له وحسب.. 

- نعم يقولون أن النساء كذلك.. وبالأخص أنا.. من المؤسف أن تكون لديك أخت تفصيلية.. نصيحة بنوتية.. عليك أن تراعي، حتى لا تغضب فتاة المستقبل من اختصاراتك.. 
ضحك أخي بشدة.. فأكملت 
- كما أنا مثلا أراعي أجوبتك الصغيرة ولا ألح عليك..
صمت..

نظرت له نظرة متكبرة قليلًا وقلت:
- قل شكرًا لي..

رد علي.. بقرصة متبوعة بقوله:
* شافاكِ الله وعافاكِ..
- اللهم آمين، هل نذهب للصيدلية؟ 
* اعتقد أنك وصلتِ.. 
- اووه صدقًا!! ألا يصلح أن نكمل الحديث؟ 
ابتسم بهدوء وقال:
* بطريق العودة يمكنك ذلك بمشيئة الله.. 

هممت بالخروج ورددت بفرح:
- شكرًا لك.. لا تتأخر لدي فقرة لم أنتبه أني أغفلتها ولم أذكرها لك..
* مجنونة هيا إلى عملك..
- كن بخير أستودعك الله..


في الحقيقة يا أخي.. تهون الدنيا إن كنت بيننا وهمومك هي همومنا.. ربما ذات يوم تقرأ ما أكتب، وربما لا..
لن أخفيك سأكون سعيدة إن قرأت..
 وربما أخبر أطفالك عن تلك الكتابات ليعلموا عمق الإخاء الذي يجب أن يكون..



ذات صباح ~





من بين أكوام الأحلام استيقظت..

فتحت عيني أستوعب هذا الصباح..

أصوات حولي تغمرني.. الأذان، زقزقة عصافير فَرِحَة أو هكذا هُيِّئ لي..

لم أعي بالقدر المطلوب أني خرجت من أحلامي للواقع..

تحسست بجانبي.. أمسكتُ جوالي بابتسامة..
وقلبي يرددُ ما أجملها..

أطفئت رنين تلك الأنشودة التي تغمرني سعادة حتى في أعمق أعماق أحلامي..
فأبتسم لها كل صباح.. وللحنها الجميل ..

صليت الفجر..
سلمت على أمي وأودعتها قبلة فيها كل معاني اللطف والمحبة..
والشكر لله أنها هي بذاتها أمي.. وأنني ابنتها التي ترَّبت تحت يدها..

تلاقيت مع باقي أسرتي وكالعادة لا يمكنني المضي قدمًا دون القليل من ((الغلاسة )))..
ذلك المشروع الأنجح في حياتي ..

تبادلنا الضحكات وبعض الأمور.. ثم انتهى بي الأمر بالحيرة فيما أختار من ملابس..

كنت أردد أذكار الصباح .. بينما أنا اتجهز، وأضع إبريق الشاي على
شعلة النار.. وأحضر شطيرتي المفضلة من الجبن ككل صباح..

رن جوالي فأخذت أغراضي وانطلقت..

نعم حين قلت أنه ليس صباح اعتيادي فأنا كنت محقة ..

اجتاح داخلي حينها هدوء كبير ..
ذلك الصباح لن يوصلني أخي.. لن تكون توأمي بجواري..

لن ننثر سعادتنا كما ينثر النسيم عبيره فينا ..
بقيت صامتة طوال الطريق ..

ماذا عساي أن أقول .. بعض الأمور التي كُنْتَ تعتقد أن الحياة ستقف عندها، ولن تسطيع  واحدة التقدم دونهم ثانية..
 .  تجد نفسك دون أي شعور لأجلهم تمضي

  تشعر أنهم معك بجوارك ..
..كل ثانية وبكل لحظة 
 كل الأماكن التي ضمتكم سويًا لن تحرم خيالك من وجودهم حولك.
عقلك،  قلبك، روحك، مشاعرك، تفاعلك، لن يسمحوا لهم بالبعد عنك ولو لثانية واحدة .. هم حيث تكون يحيطونك .. 
خرجت من السيارة..
وانطلقت لعملي..

جلست على مقعدي أمام جهاز الكمبيوتر، ولازال فكري سابح.. 
كنت بقمة هدوئي..
اعذروني يا صديقات العمل فأنا بعقلي وعالمي الخاص أفعل ما كنت أفعله مع وجودها  معي كالعادة ..

لازلت أرفض التطلع لأي مكان لا أراها فيه..
ولازلت أثق أنني حين أرفع عيني في أي اتجاه يمكنني أن أرمقها ببعض النظرات أو الكلمات التي تجعلها تضحك وربما تضربني..



أرجوووكم لا تعتقدوا أني مهووسة.. أبدًا..
أنا لم أبكي ولا في السر  حتى .. حين قضيت أول يوم بدونها..


 رغم أنه كان ذلك بالنسبة لي أعظم إنجاز...
وفي ذات الصباح أنا لم أبكي أيضًا ..