الاثنين، يناير 13

أنت بخير






- هل أنتِ بخير ؟
عبارةٌ أرددها كثيرًا، في طيات حديثي معها.. 
وكأني من ثلاث كلمات أنتظر ردًا لا يبلغ مداه العمق أو الكون..  
أحب سماعها وهي تقول: 
ليس وأنا بعيدة عنكِ..
اللطف الذي تحمله بين حروفها يصيبني في أعماق قلبي فيتجدد النبض فيه..
قد نكون في قمة أوقتنا سعادة، وقد نكون في أشدها حزنًا .. 
لكني مع ذلك أسألها:
- هل أنتِ بخير؟
قد لا أحمل معنى السؤال حرفيًا وأنا أردده، لكني أريدها أن تعلم يقينًا  أني لها تلك اليد الدافئة العميقة، أو هذا الحائط الدافئ خلفها،  أنا الاتجاهات الأربع لو أرادت..

لا يمكنك أن تُعبر هكذا بعمق في كل مرة ستقول فيها: هل أنت بخير لأحدهم.. 
أبالغ كثير حين أسألها مرتين، لكني أحب إجابتها في كل مرة..
حتى مع تلك البسمة الصفراء التي تمنحني إياها..
خلفها ألف معنى يبعد كل البعد عن الخير..

- هل أنت بخير؟ 
نعم ألح بها أحيانًا، فأنا أرغب بأن تحكي أعمق شعورك..
أشد حرب لك مع الألم، وأصغرها أيضًا.. 
دعيني أعرف إن كنت بخير.. فأنا وخيرك الذي أريد أن أراه في عينيك نتنافس على رؤيتك مسرورة.. 

كل مرة أقول فيها تلك العبارة أتمنى أن أسمعَ منك جوابًا أعمق..
قد ألمسه بعمق حرفك، أو نبرة صوتك، أو حتى نظرة عينك..
سأنتظرُ ذلك الجواب الذي طالما انتظرته..

سلطان الأباريق






قرأتُ مقالًا بالأمس القريب وكان محل وقع عندي، شيئًا صغيرًا يعبر عن ما بداخلي، وشعوري..
ولو أنه يعتبر جزء بسيط مما تمنيت الحديث عنه .. سأترككم مع المقال..

سلطان الأباريق!!!

يحكى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الإشراف على الأباريق لحمام عمومي،
والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته ،ثم يرجع الإبريق إلى صاحبنا، الذي يقوم باعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.

في إحدى المرات جاء شخص وكان مستعجلًا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق نحو دورة المياه،
فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة اليه فرجع الرجل على مضض،
وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه، فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق، سأل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق،؟!
فقال مسؤول الأباريق بتعجب: إذن ما عملي هنا؟!

إن مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى، مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج إلى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!


إنَّ سلطان الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في المؤسسات أو في الجامعات أو المدارس أو في المطارات، بل لعلك تجده في كل مكان تحتك فيه مع الناس!

ألم يحدث معك، وأنت تقوم بإنهاء معاملة تخصك، أن تتعطل معاملتك لا لسبب إلا لأنك واجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك: اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين؟!!
ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج إلا لمراجعة سريعة منه، ثم يحيلك إلى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته إلا إذا تكدست عنده المعاملات؟!
وتجمع حوله المراجعون.. إنه سلطان الأباريق يُبعث من جديد!


إنها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله! إ
إن ثقافة سلطان الأباريق تنسحب أيضا على المدراء والوكلاء و المشرفين ..
تجدها في مبادئهم حيث إنهم يؤمنون بالتجهم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتها، لكي يوهموك بأنهم مهمون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم!!

ولقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد: (اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فشق عليه).
ولكنك تستغرب من ميل الناس إلى الشدة وإلى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة.
ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء!

إنها دعوة لتبسيط الأمور لا تعقيدها ولتسهيل الإجراءات لا تشديدها وللرفق بالناس لا أن نشق عليهم، ولكم نحن بحاجة للتخلص من عقلية سلطان الأباريق..
وتذكروا لفظ الحديث او كما جاء "يحشر قوم من أمتى على منابر من نور، يمرون على الصراط كالبرق، لا هم بالأنبياء ولا بالصديقين ولا بالشهداء، إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس"..
صوره مع السلام لكل / قاضي ، مدير، رئيس، ضابط، موظف، ولكل من بيده معاملات الناس..
ولتعرفوا أن هناك ربًّا مطلعا على القلوب، ومطَّلعًا على ما تفعلون..
ترى كم سلطان أباريق بداخلنا ونحن لا نعلم؟!
نقوم يومياً بدوره وعمله ونحن لا ندري"

هنا تنتهي كلمات المقال، تنتهي لتتركنا في ملكوت خيال وذكريات مرت علينا كنا نحن فيها سلطان الأباريق أو واجهناه..
سلطان الأباريق قد يظهر على شكل، عنصرية جاهلية..
قد يظهر على شكل تكبر وغرور..
قد يظهر بأي شكل كان..
الآن ماذا ستفعل حين تواجهه .. بل ماذا ستفعل لو خرج منك أنت؟
لا تكن يومًا سلطان أباريق أمام شخص .. قاوم، جاهد، درب نفسك..
فما عانيته أنت في حياتك منهم لا ينبغي أن يتكرر مجددًا..







الأرنب اللطيف

بدت الحكاية حين كنت أسألها:
هل تعتقدين أن الحيوانات وفية فعلًا أكثر منا؟!
ساد الصمت إجابتها..
ودخلت في عالم تفكير عميق للغاية..
نطقت بعد برهة بنبرة لا توصف:
-يحب أبي الحيوانات كثيرًا يعشق تربيتها ربما أكثر منَّا نحن، حتى كدت أفكر كثيرًا، ما الذي ينقصني عن هذا الحيوان ليهتم أبي بي مثله حياته مع الحيوانات تبدو ألطف بكثير جدًا .. 
تطلعت إليها بابتسامة: يااكِ من غيورة، أيغار أحد من الحيوانات بهذه الصورة!!
قتلت خيالاتي بنبرة غاضبة: 
هذه ليست غيرة، أنا أريد اهتمام أبي وهذا من حقي، أتفهمين ما معنى أن أتمنى أن أصبح حيوانًا يشتريه أبي ويعتني به؟! 
خبتت مجددًا بانكسار: نعم لن تفهمي.
وعادت مجددًا لتلك النبرة، يستيقظ أبي في الصباح أو العصر أو حتى في الليل وأول من يراهم أبي هم صغاره من الحيوانات أكاد أجزم بأنه لو اعترض طريقه أحد فعينه فقط تبحث عن صغاره ولا تبصر غيرهم إلى أن يطمئن، يصيني الجنون أحيانًا.. أمرض أو لا أمرض أسعد أو أبكي لم يأتي لي ويسألني ما بك؟! 
قلت في حالة تأثر: هوني عليكِ
أحيانًا أتطلع إليهم بحب، برأفه أتطلع لأعينهم كثيرًا واتساءل: هل هم أحن على أبي مني؟ 
هل أنا السبب في كون أبي لا يهتم لنا؟!
قلت بسرعة: لا اعتقد أنك السبب ربما هو لديه ذكريات جميلة معهم..
رمقتني بغضب، وقالت:
- حينما أتحدث عن المشاعرفلا تجيبي.. ليس أنت من يفهمني..
تطلعت إليها بإبتسامة، فعادت لحالها..
أردفت:
- كل ما أفكر به أنني لست تعيسة بتلك الدرجة التي تجعلني أحبس نفسي،
أنا فقط أحيانًا أفقد السيطرة على نفسي وأنغمس في الحزن، أقول لنفسي ما المشكلة عيشي الحزن، لا تهربي منه وكأنه وباء..
- لكنكِ حزينة للغاية!
- لأنني أريد أن أصبح أرنب، أترين كم هم لطفاء، أتعلمين لكني أفكر.. فيما لو تحولت لأرنب لن يتغير شيء!!
 انتفضت بفرح وأمسكت بيدي بحركة لطيفة وقالت: الأرنبة الحامل، تنتف فروها قبل ولادتها حتى تدفئ صغارها!! ولا أجد مجددًا للأب أي نفع..
- ما رأيك أن تصبحي أبًا وأمًا بذات اللحظة؟!
عادت ترمقني بغضب:
- قلتُ لا تتحدثي..
- أصبحتُ أحب الحيوانات في النهاية مهما خفت منهم، اعتد عليها، استلطف وجودهم، وأشتاق لهم حين يغيبون.. بتغير نوع الحيوانات التي يقرر أبي إحضارها
أجد نفسي أحبها بعمق، وكأني أصبح لهم الأم.. فيما أستمتع برؤية أبي يكون لهم أبًا..
صمتُ احترامًا لصمتها العميق..
ظلت يدها متشبثة بيدي، وظللت أنا ابتسم لها لتطمئن..
- أحببتُ حبك للحيوانات فغيرُكِ كثر لم يتجازوا الغيرة حتى....