السبت، مايو 25

حكايا أخي ٣




اتصل أخي 
- أنا عند الباب 
- وأنا أيضًا
- هل تمزحين هيا أنتظرك.
أطلقت ضحكة مازحة لم يسمعها أخي .. فقد كان الأمس معه غير جيد..
ركبت السيارة بجانبه، وكعادتي حين أكون غاضبة أتلفت للنافذة..
وضعت يدي تحت ذقني وتطلعت للصحراء التي تفصلنا عن الشارع..
السماء كاحلة السواد..

بدأ بيننا حوار جديد..
- تندبين حظك؟
استدرت له ببطئ وتطلعت لعينه مباشرة
- لا، أنا أراقب
حسنًا استمعي لهذا، وأخبريني رأيك..
طلعت إليه مباشرة، يريد أن يراضيني..
 لأخي أسلوب إرضاء عجيب إلا أنه يعجبني .. 
في بداية الفيديو لم أكن أستمع في الحقيقة كنت أتطلع لأخي، أحاول أن أكتشف كيف هي مشاعره الآن!!
 لدرجة جعلته يلتفت لي..
- هل نبتت لحيتي كثيرًا؟!
وبعد أن غير نبرة صوته: ألم أقل انتبهي لما يقوله؟ 

تطلعت أمامي بصمت وظللت استمع 
كان الرجل يتحدث حديثًا عميقًا يلامس الروح.. بل شغافها
يتحدث عن الصامتين
 عن فهمنا لبعضنا عن طريق الصمت
 عن الرسائل التي نوجهها لبعضنا من خلاله 
عن تقديرنا لتصرفات بعضنا البعض.  
لم أستطع منع نفسي من التطلع لأخي مجددًا، وكأنني في نفسي أريد أن أجد جوابًا لسؤال ملأني ولم أسأله: أخي..
 ما سبب صمتك الآن؟ 

ظل الرجل يتحدث ويتحدث.. ونحن نستمع..
كان أخي يتطلع لي من فترة لأخرى ليقرأ ردات فعلي المشهورة عني، وقد خاب ظنه فأنا كنت هادئة فوق العادة..

أطفأ الصوت ليلفت انتباهي
- أنت تستمعين؟
- نعم أسمع ، أوووه لكنته رهيبة

نظر لي أخي بنصف عين 
- فضحكت بشدة .. أسمع والله أسمع فقط كنت أمزح .  

رجع أخي لصوابه وأعاد تشغيل الصوت .. 
كان انسياب العبارات جميل، جعلني أدرك أنني ببساطة لم أفهم ردة الفعل التي خرجت من أخي عبر الآيام الماضية، صحيح لا داعي لأن تبرر أخي..
ولكني سأظل عمري أعاتبك على عدم اعتبارك أخوتي لك شئ عميق..
حتى وان لم تقصد .. 

ثمة خلل حين تشعر أنه في كل مرة نختلف فيها أنك لا تعني لي وأن ثمة ما فرق أفكارنا..
وأني غير قادرة على احتواء الأمر .. 
تحدثت لنفسي حينها كثيرًا ، فأنا أيضًا لا أريد أن أبرر له ، أريد أن تأخد الأفعال والمواقف بيننا منحى آخر .. 
أكبر وأعمق مما ستقوله كلماتي..
انتبهت لحالي حين انقطع صوت الرجل عن الكلام ..
- ما رأيك ؟ 
- جميل، الكلام عميقًا جدًا.. أنا أؤيده جدًا .. 
- في كل شئ؟ 
- نعم في كل شئ .. 
- جيد ، هذا مريح 
كنا قد وصلنا لباب البيت .. 
- هل أحملها عنك؟ 
- نظرت لشنطتي.. وأشرت: هذه ؟
- نعم
- لا لا شكرًا .. وابتسمت 
- حسنًا هيا اذهبي

أعلم أن كل تلك اللطافة هي نوعًا من المراضاة لي.. وأحترم ذلك لمجرد أنك حاولت..  
وأعلم أيضًا أنك تفهمني حين أعود لطبيعتي معك "طبيعتي الغلسه" أنني قبلت منك محاولتك .. 
وأعلم أن كلانا يحب تلك الطريقة للتعامل.. لأنني تيقنتُ أنني أسعدك ولو ذرة في محيط حياتك..


الجمعة، مايو 24

قصوا جناحاي







قصوا جناحايّ.. 
أوهموني بالحرية، رغم أنهم سلبوها مني.. 

علموني أن الحب حرام..
لذا خرجت للدنيا وأنا أحرق قلبي ألف مرة حين أشعر بالحب لأحد ..
ولا يتوانى كل من رآني على قتل شعوري مرة بعد مرة،
وإخماد حسي الأخوي لأحد في كل مرة..
وكأنني خلقت كالألة لا تحس ، لا تشعر، فقط تكتم وتسكت..

ما علموا أن الدين حب..
والوجود حب..
وأن حب الله لنا ورضاه عنا هو النجاة من النار ..
 وأنه أسمى المشاعر والمكنونات التي امتن الله بها علينا..

شتتوا فكري، وكوت أحرفهم فؤادي..
جعلوني أسخر من نفسي, وأشفق على حالي..
وأثير رأفة البعض تجاهي..
حين قلت يا فلانة إني أحبك .. 

وصموني بالشذوذ والانحراف..
والتفكير البذيء ..
أسقطوا نفسي أمام نفسي..
شردوا إخلاصي ويتموا مودتي..
قتلوا فيَّ اللطف وأذاقوني مر الجفاء..
لأنني فقط قلت: (أنا أحب).. 

فمن منكم يخبرني: أين الدين منكم ؟!
وأي محكمة ستقبل إدعائي فيكم؟!


~~::~~

قصوا جناحاي..
حين عبثوا بمفهوم سعادتي
هيؤا لي في كل ما أشاهده وأسمعه بأن السعادة كل السعادة حين يغيب عقلي، 
وكأنها كلها تكمن في لهوي، وأخذي، في تمردي، وتيهي.. 
في ضياعي.. 
وحين عشت الحياة لم أجدها كذلك..

~~::~~

قصوا جناحي..

حين أخبروني أن المرأة ملكة بيتها
وأميرة وليها، ثم همَّشوا رأي وتغاضوا عن وجودي..
حتى ألِفتُ الوحدة والتهميش.. 
وحين تعبتُ تعجبوا من بوحي..

من منَّا لم يذق في حياته قص لجناحيه؟!
من منا لم يعيش يومًا شعور التناقض بين الناس؟!

~~::~~

لذا .. عش الدين كما هو ..
فتش عنه، واقرأ في هدي النبي صلى الله عليه وسلم..
دعك من الخلافات..
اقرأ حديث النبي صلى الله عليه وسلم..
طبق في كل مرة حديثًا واحدًا..

اليوم اليوم.. لن آكل إلا بيميني سأحافظ على ذلك..
اليوم سأتصدق على فقير، وسأتحدث معه حتى أرى سعادتي في سعادته..
اليوم سأحب أخي حُبًا يدخلني وإياه في ظل رحمة رب العالمين..
اليوم سأقبل يد أمي وأبي كل صباح وقبيل النوم..
اليوم هو بدأ نمو جناحين من علم..
بعدما حاول العالم كله من قبل وبمساعدة جهلي أن يقصوا جناحاي غير عابئين بألمي..
وتشردي في دروب الحياة ..

اليوم أنا أفهم جيدًا بأن لي قلب ينبض..
وعقل يفكر..
وجوارح تعمل..
وكلها عليّ أن أوجهها إلى خالقها..
حينها فقط ستكون سعادتي أكمل، وحبي أنقى وأطهر..
حينها ستكون لك جناحان من قوة..
لأنك أوجدتهما لله ..

وما كان لله فهو موطن القوة والكمال.. 

الثلاثاء، مايو 7

لا تعليق ..


  




" الأم مدرسة إذا أعددتها   .:.  أعددت شعبًا طيب الأعراقِ"
                                                                          أحمد شوقي 

ككل الفتيات تقدمت الحياة بها، 
تخرجت من الجامعة لتجد نفسها أمام واقع فرضته الأيام عليها،  
تقدم أحدهم لطلب يدها، وكانت من أهم الاسئلة التي حاز عليها:
- هل تدخن؟ 
- لا، بالطبع لست كذلك..

تزوجا ومرت الحياة يومًا يتبعها يوم،
دخل عليها ذات يوم والدخان يفوح منه كمن نقع ذاته فيه .. باهتته بنظرة.. فهم منها الاتهام..
حاول أن يدافع عن نفسه كالعادة..
- زملائي في العمل لست أنا لا تتوهمي..
- ظلت تنظر إليه يقولون أن المرأه تعلم إن كان ما يخبرها زوجها كذبًا او حقيقة عبر لغة الجسد!!
وهذا بالضبط ما أوصله لها هو دون أن يعلم .. 

عادت الحياة كما كانت، وتلت الأيام أيامًا والشهور شهورًا، وهي تنفي بداخلها هذا الأمر.. 

ولكنه ستر الله حين ينكشف..
وجدت علبة الدخان في سيارته، ولم تجد بدًا من السؤال.. هل هذه لك؟ 
- لا لصديقي ..
ظل النقاش طويلًا، تحاول أن تخبره بأن الأمر بات مكشوفًا وهو يحاول أن يبرر كل شيء..
بعدها انهار واعترف..
نعم أنا مدخن، هل هناكَ مانع؟!

جن جنونها كان مدخن منذ البداية!!

ترك الأمر دون إصلاح، كذب عليها ولم يحاول!!
كانت صدمة العمر.. 
ولم تعيها هي!! 

عاتبوها أهلها في افتعال مشكلة كهذه قد تسبب في الانفصال .. 
-خذي الأمر بهدوء .. 

سيقلع عنها هو يعدك لن يكررها الأمر ما هو إلا نزغة شيطان، اقصري الشر وعودي له !!

لم يتدخل لا أبوها ولا أخيها ولا حماها بالأمر فهم لم يعرفوا حقيقة المشكلة أصلا بل 
لم يعرفوا أنه مدخن من الأساس!!

باتت الحياة بعدها أشبه بكذبة كبيرة تعيشها، وتحيك تفاصيلها بيديها .. بوجودها فيها !!

لم يعد الأمر كمان كان .. ظلت تكتشف أمورًا يومًا بعد يوم، رغم كل شيء لم تجد تعليقًا أمام موقف عايشته بعينها..

بينما كان أبو زوجها نائم علا صوت سيارته ينذر بشيء، أفاق من نومه على هذا الصوت خرج مسرعًا.. 
فتفاجأ أثناء خروجه أن رائحة الدخان تملأ المكان .. 
تسائل: من أين أتت؟
ظلت زوجته تتمتم بأمور عن أنها قد تكون من عند الجيران، وربما من الشارع..

ثم بعد فترة ارسلت لأولادها من منكم يا ***** كان يدخن؟
لقد وصلت الرائحة إلى أنف أبيكم وسألني!!
وقد حاولت تغطية الأمر بكل السبل..

أجاب أحدهم قولي له: أن صديق فلان كان وهو الذي أشعل الدخان!!

بعد قليل..
رد عليها أحدهم: أنزليه لقد محونا الأثر، دعيه يتأكد!!


الجمعة، مايو 3

هدايا المحبين




يا للمحبين حين يتشاركون مشاعر وأحاسيس سامية، غالية، رائعة..

يا للمحبين من جمال .. ويا لإحساسهم الدافئ المفعم بالروعة واليقين..

يا لكلمات المحبين..

من نغم جميل..

من لذة في الحنايا..


المحبين ~

 الحياة عندهم لا تعني التفاهم التام، ولا تعنى حياة بلا مشاكل،

بل تعني:
" إذا غضبتُ فراضيني، وإذا غضَبتِ راضيتك"..
وإلا فلمَ نصطحب!!


الحياة عندهم لا تعني أنا قدمت فماذا ستقدم؟..

الحياة عندهم عطاءٌ دائم..
ثمارٌ ناضجة على مدار العام.. 
فهم لا يزرعون ربيعًا وينتظروا ربيعًا آخر..

هم يزرعون بحبهم بذور لتنمو وتنمو وتصنع المعجزات التي لا نكاد نصدق وجودها في الحياة..

....

يا إلهي .. كم يبدو الأمر جميلًا براقًا مهما حاولت الحديث عنه 
ما استطعت أن توفيه ..


تجمَّعنا كالعادة .. عصر يوم الخميس..

تبادلنا الكلام، حكايا المغتربين،
قصص للعبر..
تلونا آيات الله ..
وعلقنا على بعض الآيات
بين تفسير وأقوال السلف ..


حينها قالت من بين أكوام الكلمات المجمعة في داخلها:

لقد أهداني زوجي من فترة في مناسبة ما "وقف" لله أخرجه باسمي كهدية..

لم تكن عليها أن تحكي التفاصيل يكفيا تلك الكلمة ليردد الجميع بكل روعة وانبهار:

"تبارك الله  .. " ماشاء الله "..


شعر الجميع بروعة في داخله..
هل لا زال هؤلاء البشر متواجدن على نفس كوكبنا؟!

كم مر على زواجهم؟!
 خمسة عشر عامًا.. 
ربما أكثر.. أو أقل..

حكت إحداهن أيضًا عن صديق ذات يوم كان يفتش في محفظة صديقه بالصدفة، فرأى ورقة تحمل اسمه.. قرأ الورقة مجددًا ..

فوجد أن صديقه أهدى له كفالة يتيم.. ولم يخبره..

انتهى اللقاء ..


ظل الأمر ببالي.. لم يكن ما جذب انتباهي هذا الصديق ووفائه، فأنا رأيت أوفياء أشد من ذلك ..

كان من الرائع أن تجد زوجًا يحمل مفهوم الهدايا الآخروية..

ولأننا بشر حين نحب يتملكنا شعور بإسعاد من نحب بشتى الطرق..

إننا نفكر كثيرًا .. 

الهدايا تفتح القلوب، تأسر الأشخاص .. 
وتظل هي العنصر الأول لمراضاة الجميع ..

تلك ما تفعله هدايا الدنيا ولا أنفى عظمتها وعمقها وتقديري لمن يقدمها ..

لكن أتعلمون عظمة وروعة هدايا الآخرة؟!

هدايا المحبين حقًا ..

هدايا من نوع آخر ..

تنبع من مكنون القلب..
مفعولها مفعول السحر..
وقيمتها فيما تحمله من معنى ورسالة صادقة،
مفعمة بأطيب وأخلص المشاعر..