الأربعاء، أكتوبر 10

المنزل الجديد ~









‏ترك هذا المنزل في قلبي ذكريات كثيرة،

هنا احتفظت بالهدايا لهم لحين أراهم ، وهنا أول مره أشارك أحدهم النظر للقمر رقميًا،

 وهنا الثانية عبر برنامج مباشر، هنا نمت بعد تعب ليوم طويل جميل، وهنا حادثتني،

 هنا كتبت بوحًا وهنا خط قلمي لها حروف خاصة، 

هنا انزويت بعيدًا عن ضجيج من حولي، واستمتعت برفقتها، كل ذرة من هذا المنزل يضم بصمة عن أحدهم..

هنا تشاركنا صنع الطعام ،،

وهنا التقطت صورًا لأجلها وهنا زرعت أولى ورداتي، 

هنا ركضت خلفها ..

وهناك كانت أولى أماسينا الجميلة .. 

ما بال هذا اليوم يحمل الكثير وكأنه البيت الوحيد الذي عشت فيه.. 

الشئ الذي يؤلمك صدقًا حين تمر أو تتذكر، أو تسافر ، أو يسألك أحدهم أفعلت كذا ..

فيطل بخاطرك مباشرة تلك الذكرى بذلك المكان الذي ابتعدت عنه .. وتركته خلفك لساكنين جدد.. 

لربما يرى الكثير منا أن تلك المشاعر هيّنة .. تمر على المغترب مشاعر أكثر قوة من تلك ..

وأنك في منزلك الجديد ستتأقلم ستصنع ذكريات .. ستبني أوطان أخرى وأشياء جديدة.. 

لكنني حقًا أقول مهما هانت لكنها تبقى في قلبك شوكة تخترق شعورك وتزداد مع ازياد سنوات بعدك.. 

حين تلملم أغراضك الخاصة و تعيد ترتيبها في بيتك الجديد.  

تعود فتقرأ وتنسى نفسك بين ملايين من ذكريات لسنين ..

والآف من الأوراق المطبوعة والمرسومة بخطوطهم ..

 لتحفر بها تفاصيل الأيام وعبق النسيم الذي صاحب ذلك اليوم عندك وعندهم، 

كل شئ في هذا المكان وفي تلك الأحرف يحمل شوقًا وحنينا لا يضاهيه حنين.. 

كل شئ يعني لك الكثير، لازلت أتذكر الطرق التي سلكتها حين كنا ننتهي من كتابة رسائلنا لهم،

نستيقظ باكرًا حتى لا يضيع الوقت ويغلق مكتب البريد أبوابه في وجوه القاصدين..

وبعدما أسلم موظف البريد رسائلي استودعها الله ففيها تركت أجمل مشاعري لتصلهم بعبق الود والحنين..

 مازلت أذكر كيف كان يمر العيد ..

 كيف تأتي اتصالاتهم لتسئل سؤال واحد يطل كل يوم وكل مره في نهاية العام .. متى سنراكم ؟ 

ذكريات المغتربين تبدو قاسية مهما كتبناها بحروف من زهور رقيقة،

مجرد التخيل لكتابة أحرف تأتي مشاعر كالفيضان .. بل كالفضاء اتساعًا وهدوءًا وعمقًا .. 

كتبت هذا كله وأنا لم أصل بعد لذلك الوصف المتجحر ..

نعم وصف باهتًا يزداد عمقًا كلما قرأت رسائلهم، لمست بيدك أشيائهم ، تمر سنين عمرك وأنت فقط هنا في ذات المكان لا تحمل بين يدك سوى ذكراهم .. لا تحمل إلا شوقًا ومزجيا من ولع للتواجد قربهم ..

ولأنك تشتاق لهم .. تُكدّس كل ما يُذكرك بهم، من رسائل وهدايا أهدوها لك، كل شيء له علاقة بهم..

تحت نظرك أو بقربك حتى يصلك عبقهم .. وتبقى بداخلك أجمل لحظات عمر قضيتها معهم ..

مساءًا سعيدًا يا سكان المنزل الجدد..

وبداية جديدة موفقه وسعيدة فيك يا بيت 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق