الجمعة، أكتوبر 19

خذ من صحتك لسقك


خذ من صحتك لسقك 






ذات مساء رمضاني بديع .. 

بعد الفطور وأثناء انتظاري للتراويح .. كان قد أخذ التعب مني مأخذه .. فهممت أن أنوي النوم ..

وبينما كنت أحادث أخي .. قال لي : 

 خذي من صحتك يا سندس لسقمك .. انت لسا شباب وقوية يلااا يلااآ 

كلمات تركت في داخلي عمق .. وهزّت فيا حديث طويل، عمقها جعلني أدرك أني أضعت الكثير من الوقت

أخي من قالها لي حين بادرته إني أشعر بالنعاس في وقت صلاة التراويح .. فرددها على مسامعي ..

لله درك حقًا كم أيقظت بي منام كبير ..

سآخذ من صحتي لسقمي .. سأعدك بهذا ، تلك العبارة كلما رددتها .. اقشعر جسمي ..

تخيلت كم من الاوقات كنت فيها في فراغ لم أشغله ..

فراغ في كامل عافيتي، لم أكن أفكر ربما بعمق العافية ..

وكلنا تذوق مرارة الألم .. ومرت عليه أوقات تمنى فيها أن يتعافى ليقدم خيرًا..  

لطالما صرنا نتساهل بصنع طاعة وأبسط الطاعات في وقت بسيط..

 نتساهل فنقدم ترك العمل، والتخلي عن البذل والجهاد..

 حتى إذا أقعدنا المرض أو العجز أو الكبر ندمنا على ما فات من قوة وشباب وبتنا نبكي بأعين من حسرة وندم.. 

إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصداً          ندمت على التفريط في زمن البذر

حقيقة .. انا شاكرة لتلك العبارة فلقد أثرت بي كثيرًا .. وجعلتني أفكر في أوقات فراغي بشئ أصنعه يضيف لي في صحيفتي .. 

جزيتم خيراً يا أخي حين قلتها ..


الأربعاء، أكتوبر 10

المنزل الجديد ~









‏ترك هذا المنزل في قلبي ذكريات كثيرة،

هنا احتفظت بالهدايا لهم لحين أراهم ، وهنا أول مره أشارك أحدهم النظر للقمر رقميًا،

 وهنا الثانية عبر برنامج مباشر، هنا نمت بعد تعب ليوم طويل جميل، وهنا حادثتني،

 هنا كتبت بوحًا وهنا خط قلمي لها حروف خاصة، 

هنا انزويت بعيدًا عن ضجيج من حولي، واستمتعت برفقتها، كل ذرة من هذا المنزل يضم بصمة عن أحدهم..

هنا تشاركنا صنع الطعام ،،

وهنا التقطت صورًا لأجلها وهنا زرعت أولى ورداتي، 

هنا ركضت خلفها ..

وهناك كانت أولى أماسينا الجميلة .. 

ما بال هذا اليوم يحمل الكثير وكأنه البيت الوحيد الذي عشت فيه.. 

الشئ الذي يؤلمك صدقًا حين تمر أو تتذكر، أو تسافر ، أو يسألك أحدهم أفعلت كذا ..

فيطل بخاطرك مباشرة تلك الذكرى بذلك المكان الذي ابتعدت عنه .. وتركته خلفك لساكنين جدد.. 

لربما يرى الكثير منا أن تلك المشاعر هيّنة .. تمر على المغترب مشاعر أكثر قوة من تلك ..

وأنك في منزلك الجديد ستتأقلم ستصنع ذكريات .. ستبني أوطان أخرى وأشياء جديدة.. 

لكنني حقًا أقول مهما هانت لكنها تبقى في قلبك شوكة تخترق شعورك وتزداد مع ازياد سنوات بعدك.. 

حين تلملم أغراضك الخاصة و تعيد ترتيبها في بيتك الجديد.  

تعود فتقرأ وتنسى نفسك بين ملايين من ذكريات لسنين ..

والآف من الأوراق المطبوعة والمرسومة بخطوطهم ..

 لتحفر بها تفاصيل الأيام وعبق النسيم الذي صاحب ذلك اليوم عندك وعندهم، 

كل شئ في هذا المكان وفي تلك الأحرف يحمل شوقًا وحنينا لا يضاهيه حنين.. 

كل شئ يعني لك الكثير، لازلت أتذكر الطرق التي سلكتها حين كنا ننتهي من كتابة رسائلنا لهم،

نستيقظ باكرًا حتى لا يضيع الوقت ويغلق مكتب البريد أبوابه في وجوه القاصدين..

وبعدما أسلم موظف البريد رسائلي استودعها الله ففيها تركت أجمل مشاعري لتصلهم بعبق الود والحنين..

 مازلت أذكر كيف كان يمر العيد ..

 كيف تأتي اتصالاتهم لتسئل سؤال واحد يطل كل يوم وكل مره في نهاية العام .. متى سنراكم ؟ 

ذكريات المغتربين تبدو قاسية مهما كتبناها بحروف من زهور رقيقة،

مجرد التخيل لكتابة أحرف تأتي مشاعر كالفيضان .. بل كالفضاء اتساعًا وهدوءًا وعمقًا .. 

كتبت هذا كله وأنا لم أصل بعد لذلك الوصف المتجحر ..

نعم وصف باهتًا يزداد عمقًا كلما قرأت رسائلهم، لمست بيدك أشيائهم ، تمر سنين عمرك وأنت فقط هنا في ذات المكان لا تحمل بين يدك سوى ذكراهم .. لا تحمل إلا شوقًا ومزجيا من ولع للتواجد قربهم ..

ولأنك تشتاق لهم .. تُكدّس كل ما يُذكرك بهم، من رسائل وهدايا أهدوها لك، كل شيء له علاقة بهم..

تحت نظرك أو بقربك حتى يصلك عبقهم .. وتبقى بداخلك أجمل لحظات عمر قضيتها معهم ..

مساءًا سعيدًا يا سكان المنزل الجدد..

وبداية جديدة موفقه وسعيدة فيك يا بيت 







الثلاثاء، أكتوبر 2

الجارة أم فهد


شاءت لي الأقدار عشق 65483_358973620790991_100000350695630_1160616_1183979876_n.jpg



جارة مصرية .. تسكن بجوار بيتنا ..

لحظة
دعونا نعود من البداية حيث أولى القاءات معها ،،

رن جرس منزلنا بكثرة.. استغربنا الطارق في الوقت نفسه .. استغربنا أن يطرق أحدهم بابنا في هذا الوقت

.. نزلت أنا وأمي لنفتح الباب .. 

فالطارق لا يجيب على الهاتف المتصل بالباب الخارجي للمنزل ..  ومازال يصر على ضغط الجرس ..

- مييين 
- أنا أم فهد يا بنتي افتحي .. 
فتحت الباب وعيني على أمي لتزيد من شجاعتي .. 
- حياك الله تفضلي - ردت أمي بصوت رقيق- .
أجابت الجارة- " أزيك يا بنتي.. سيبيني على الباب كل ده " ..
- معلش سامحينا مش متعودين حد يجي لنا في الوقت ده .
- انا جارتكم هنا في البيت اللي جنبكم.. 
- حياك الله . طيب اتفضلي يا أم فهد 
- لا معلش لاني سايبه الباب مفتوح قلت آجي أتعرف عليكم .. واتفضلوا الحاجات البسيطة ديه..

ونظرت إلي بثقه بعد أن عرفت أني الابنة، آمره بصوتها المصري الدافئ ..
- يله يا بنت شيلي الكيس عن أمك .
انتبهت من خيالي المفكر على جملتها وهممت بحمل الكيس الا انها استوقفتني قائله.. 

- اسمك أيه بقى
- سندس 
- عاشت الأسامي ..في سنة كام ؟! 
- أنا خلصت الجامعة
- بجد والله يا حلوتك .. مش باين عليك. 

ضحكت ومن داخلي فرحت أخيرًا أحد جبر بخاطري ..

 ولم يمنحني شعور بأني جدة العائلة بعد أن يرى أمي 

- شكرًا يا تيته .. اتفضلي عندنا شوية.. نتعرف، أنا أول مرة أعرف إن في مصريين هنا جيرانا 
ردت بفرحة مشابه لفرحتي وقالت :

- أنا اول ما عرفت أنكم مصريين والله قلت آجي أسلم عليكم بنفسي ..

في ذلك الوقت تمنيت أن أحضنها لأنها بطريقة ما ذكرتني بجدتي الراحلة رحمها الله 

وهذا ما أفتقدته في الحقيقة منذ انتقلنا لبيتنا الجديد الهادئ االذي لقبته بألقاب عديدة تنتهي
" بالقلعة المسحورة العالية ".. ولا تسألوني عن السبب ..

بعد ذلك ذهبت أم فهد بعد أن تعرفت علينا تعرف مبدئي ..

وحملت معها ذكريات كثيرة تحركت بداخلي حين رأيتها ،،

 فتلك كانت السنة الثانية التي نسكن فيها هذا الحي بهدوئه القاتل لم يقطع ذلك الكره تجاه هذا الحي إلا إياها ..

ودفئ عطائها وحبها وإخلاصها للجيران  

تلك المقابله البسيطة .. والأشياء التي حملتها معها بيديها الدافئتين وابتسامتها ..

 وسعادتها.. وشعور الألفة التي منحته لنا قبل أن تمنحنا الأشياء ..

كل ذلك ترك انطباعًا عميقًا جدًا وجميلاً جداً بداخلي .. 

تلك هي الحياة قديمًا قبل أن يتحول الناس لنفسيات مختلفة ..

 أناس لا يعلمون متى يجوع جارهم ومتى يبرد!! 

متى تقتله ديونه ومتى يبيت بهم!! .. 

تساءلت في نفسي حقًا .. ألم تخف أم أم فهد حين أتت إلينا ..  منا ؟ ربما جال ببالها مشاعر ما عنا ..

ربما سيئة وربما حسنة مع ذلك أتت ويداها تحملان عطاء كبير .. 

بل ووقفت في عز الظهيرة لتطرق بابنا وانتظرت حتى أجبناها .. 


أود أن أخبركم بشيء لا أعلم ما صلته بالأمر لكنه طرأ بعقلي ..

 إلي يومنا هذا لم نرى أم فهد ذاتها كل اتصالنا مع أم أم فهد..

 لا أعلم لم دوماً تكون خارج المنزل أو مشغولة فلا نستطيع مقابلتها  ..

 إلا أني رأيت سعادتي حقا حين رأيت أم أم فهد في كل مره تطرق بابنا ..

وفي كل مره أطرق فيها بابهم لتجيبني هي بكل حنان .. 

جايه يا بنتي ..



الاثنين، أكتوبر 1





لا أفهم لم يرون ما نقدمه منةً منّا ..

أرجوكِ فأنا أختك ..

لا أريدكِ يومًا أن تشعري بأن ما بيننا سينتهي، أو أنها مسألة وقت وتنقضى أمورنا ..


أتوسل لله أن لا يجعلك يومًا تشعرين أني أتفضل عليك بوقتي أو اهتمامي أو أيًّا ما يكن فهو حقك .. وواجبي

صدقًا حقك .. ولا تخجلي بطلبه كلما شعرتِ يومًا بوحدة..

أو مشاعر غربة ..

الشعور الإنساني الأخوي الذي بيننا لا تربطه مصالح أو تنفيه خلافات ..

مهما كان عمق تفكيري واختلافك معي ..

مهما شعرت بأني خذلتك ولم أقدم لك ما يليق بك ..

إلا أن الأخوة بقلبي لك لها عمقها .. لها وقعها وثقلها ومكانها

وبكل تواضع أنت ببقائك بجانبي تحفرين مكانُا أعمق وأعمق في قاع القلب .. وحنايا الروح ..


كوني بالقرب وسأكون على بُعد خطوات منكِ فلا تترددي ..

كوني هنا ولا تخجلي أرجوك،

اغضبي وثوري في وجهي لن أتضايق فأنا أعذركِ.. فيوم ما أنا غضبت بوجهك ومازلتِ تُحسنين لي،

لا لست أرد جميلك بل أقول أن الأمور بيننا أعمق من أن نغضب من بعضنا ..


بإذن الله.. سأكون البلسم إذا وُجِدَ جرح بداخلك .. وستكونين سندي بعد الله ..

سأكون القلب النابض في يوم هدوئك على ضوء القمر .. والشمس التي تشرق بصباحك فتدفئ داخلك .. وتنير روحك

واليد التي ستمسكك من الخلف .. والصخرة والظل التي تحتاجينها بعد تعب.

والشيف الماهر في جوعك، كوني فقط هنا وسأكون مشاعرك .. أحلامك .. وعزف ألحان هادئ في ليلك ..

الأخوة يا رفاق هكذا تكون ..

فلنكن أخوة بحق ~