السبت، يناير 31

غياب موجع




استيقظت من النوم وكلي أحرف لكِ لا تصاغ.. 
هائمة هي حروفي تبحث عن مخرج يجعلني أرتبها في جمل مفيدة.. 

علها توصِل نصف ما أُكنه في القلب وأحبسه ..
فكرتُ مليًا، وتنساب الكلمات في عقلي، إليكِ.. 

أتراها الدنيا تلك الدار التي تفرقنا .. تحمل في طياتها يومًا لقاء؟!

لن أقول .. كم أتعب قلبي تلك السنين الطويلة..

وكم اشتقت وكم تُقْتُ وكم حِرتُ وكم تُهتُ.. 

لن تتخيلي عدد المرات التي أكتبكِ فيها بعقلي كل صباح .. 
بعدد المرات التي تمنيت فيها صباحًا برفقتك، ولا يخفى عليكِ كم مرة فعلت.. 

حينما تغربتُ وشاء الله بيننا الفراق بتُّ أبحث عنك في وجوه الغرباء.. 

صار الناس في عيوني تجارب.. 
أحاول أن أوجد منك نسخة فيهم.. 
ومرت الأيام وأنا أتمنى أن أجد شخصًا واحدًا يشبه بعض أوصافك..
يبهرني ببعض كلماتك ،ولم أجد..

إن أصعب الأيام كانت حين أمضي في الناس غريبًا أشتم رائحة الأيام الماضية.. كالسراب فلا أجدها.. 
يتجسد العبق لي في الليالي المقمرة.. 
ولا يمكنني الوصول إليكِ.. 

لا أنت عدتِ ولا الناس كانت مرايا.. 


هجر وعتاب




ظلت لأيام تثور روحها في أضلعها بعدما سمعت خبر استشهاده..
لم أكن على يقين كيف يمكنني الوقوف معها..
الفاجعة عظيمة، مصابها مؤلم، لكنها كانت صابرة ثابتة..
تستيقظ أحيانًا فزعة، تنام على صوته رحمه الله يتلو القرآن، سورة تتبعها سورة
صوته كان يهز القلب هزًا..

هو الشهيد الحي كما أسميته..
طلبت منها التوقف عن الاستماع له.. كان صوته يثير فيها كل شيء،ولا تهدأ لها حياة.. 

- تناسي يا أخية الحياة لن تنتهي.. أتذكرين وصاياه؟
أرادكِ معلمةً في المدينة حيث استشهد.. أهكذا ستكونين قدوة لفتيات مدينة دُمرت عن بكرة أبيها؟!  وكل من ستعلمينهم إما فاقدلاثنين أو يزيد؟!
مصابك بسيط حينها أمامهم..

كنت أكرر عليها الكلام كلما واتتني الفرصة..
لست أقلل من ألمها..
أحيانًا يكون التناسي بمثابة  عزاء لنا، فكثيرًا ما يكون النسيان هو الحل الوحيد، ولو أخذ من الوقت أو الجهد ..!
ننسى حتى لا نرهق أنفسنا أكثر و لا نرهق من حولنا ..
و خاصة إن لم يتواجد حلًا بديلًا، فيكون التناسي حينها الحل الأمثل، و ليس الحل اليسير أو السريع ..

التناسي مطلوب طلب جازم إذا رُجىَ منه راحة القلب والبال..
و إذا كان التناسي هو الملجأ الآمن، بعيدًا عن أشياء تكدرنا و ليس بيدنا شيء نفعله إلا التناسي ..

.. 
كان عليها التناسي، تذكّر كل شيء يوم بعد يوم، لن يجعلها تتقدم في علمها، ولا سعيها لله..
ستظن أن الدنيا توقفت، لكنها لن تتوقف..

ومن سيهتم؟! بنظر من حولها كانت مجرد إرهابية تسعى لدفن حالها مع شخص منهج حياته الإرهاب..
كان هو كلَّ أملها في الحياة بعد الله..
لكنه لم يرحل كله، ترك لها ذكريات ووصايا، وصوته العذب بالقرآن يتلو، ومشاهد من عملياته، وبعض الصور التي اختلسها في انشغاله ليصورها لها.. ولها وحدها..

كان يجب أن تنسى وحسب ..
صحيح ليس كل التناسي مُلزم.. 
 التناسي مذموم أحيانًا عندما ينبع من التكاسل والتهاون عن أمر هام.. 
و السلبية و الابتعاد بدلًا من المواجهة ..
كانت ستتوجه لتلك النقطة لو أنها ظلّت تتناسى أمتها وتذكر آلامها فحسب..
لقد مرت بالكثير غير هذا..

لاشك أن كثير منا محمّل بأكوام وأطنان من الهموم..
تقل تدريجيًا أو تكثر..
لكننا ننساها وتأتي أمور بعدها و ننسى أشياء أخرى مكانها و تأتى أشياء أخرى ..
وهكذا تدور الحياة..
فما بالنا لو لم نكن ننسى! ونحاول أن نتناسى.. 
لظلَّ الإنسان يعبأ بالهموم الى أن يصل لنهايته ..
أو يعيش بلا حياة .. 

صدق من قال:  
"إن مِن النسيان ما يكون نعمة، ومِن النسيان ما يكون نقمة" 
وشتان بين الاثنين في الفعل والتطبيق .
لكن المؤمن لابد أن يشكر ويحمد الله في كل حالاته، مهما غلب على النفس البشرية من قوة وضعف ..

أعلم يقينًا أن "الحنين إن تمكَّن أوجعا"..
لكن مهما حالت تقديرات الله دون آمالنا، ثمة منفذ عليكِ البحث عنه..
لعله سيكون أملًا جديدًا.. 
وقد لا يكون..

يا أخية لا تبرير مقنع لأن تغلقي على نفسك مصارف الحياة، قابعة في قوقعة من الألم والذكريات.. 
ترشدك بجنونها للوحدة..

أين عبادتك؟! 
أين الأمة وأحزانها في قلبك؟
أتذكرين؟ قال لكِ يومًا وأبلغتيني: أنه يحب المرأة المتجلدة، لذا اختاركِ..
أتخيبن ظنه بعدما رحل؟
وليتنا كلنا رحلنا مثله لرب كريم..

أما أتذكرين أيضًا؟! قالها لكِ ليلة استشهاده [سأذكركِ عند الله]..
أما تخجلين أن يذكرك عند الله ويجدك على هذه الحال.. 
نظرت لي وقالت: لا حل آخر على ما يبدو، سأحاول أن أمضي في الحياة حتى نلتقي .


زوجة شهيد


زوجة شهيد



إننا ضعفاء، غرباء لا حيلة لنا في هذه الدنيا.. 
العبودية أعظم ما نملكه، ومحبة الله والسعي لعبادته هي أشد ما نسير عليه وتهون في هذا الدرب كل السبل..
بل وكل المشاعر.. 
تلك المشاعر المفعمة بالمحبة أو الشقاء والتعب، بالشوق أو البعد بالحنين أو الانتظار.. 
لن أنسى أولى المرات التي قرأت لها في مدونتها، تدوينتها التي كتبتها بعدما كانت في السجن مع زوجها .. 
خرجت وبقى هو، أعجبت بصفحتها كثيرًا وبادلتني المتابعة..
ومرت الأيام وغبت كثيرًا عن التدوين والمدونات..
 الشعور بعدم النفع وصعوبة شرح ما بك.. يسبب لك الكثير من البعد والتناقضات
تلت الليالي.. صباحات طويلة..
أقحمت نفسي في مجموعة نسائية لا أعلم ما سبب وجودي فيها حتى الآن.. 
كانت توأمتي عضوة مهمة فيها.. ومضى الحال بصمتي المعهود في هكذا أماكن.. 
كانت فتاة كريمة الخلق لطيفة الكلام، شديدة التمسك بالحق، ثابتة المبد، معتدلة الفكر..
استطاعت بجميل كل ذلك أن تحتل مكانة عظيمة عندي.. 
كان الحديث معها بعيدًا، فلم نلتقِ ولا مرة، رسائلنا العابقة بالأخوة والمحبة..
ونفوسنا المتشابهة، كانت تزيدنا قربًا يومًا بعد يوم..
تحدثنا طويلًا عنها وأحلامها وعن رسائل زوجها المعتقل وماذا قد حدث..
   كان يُؤلمني والله قلبي أيّما ألم وأنا أرى صديقتي زوجة المعتقل والمجاهد تخطّ أحرف 
اشتقت إليكَ زوجي”… ! وغيرها وغيرها..
  ليست أحرف صماء أبدًا.. بل تنبض لوحدها حروف لو وضعت على قلوب البعض لزادتها اشتعالًا..
وكم شعرت بقلبها الغض يعصره الألم، وهي تضمد جرحه، بالحكي تارة، والتذكر تارة، والصبر تارة، ولا شيء يوقف رغم ما تفعله نوبات الألم الموجعة مرة بعد أخرى..
     ابنها شيءٌ جميل هو كل ما تبقى لها من زوجها، اسمه له وقع في قلوب الكثير.. 
لم تكن أحاديثنا تكتمل مخافة المراقبة، ونتعاهد بالتواصل واللقاء لنكمل ما تبقى من أحاديث.. 
من يقرأ كتاب "رسائل لشهيد" ويعرف قصتها تلك المجاهدة المناضلة، ويقرأ لزوجات المعتقلين والمجاهدين والشهداء: يدرك عمق بل هي ذرة لا تكاد تذكر من جمال كل تلك المشاعر الراقية التي غابت عنا ولم نعهدها إلا في قصص تخطها أحرف من خيال..
   وحين تكون في عمق قصة ما لن تستوعب أي من تفاصيلها الكبيرة..
ولعل السنوات تمر بك ولا تستوعب إلا حين تنتهي كلها.. ويتبقى لك شيء من الذكرى ونغصة ألم على ما رحل..
    فتاة عشرينية، التقت بشق روحها وسكن فؤادها وخليل عمرها.. ربط الله بينهما بميثاق غليظ..
   قررا الرحيل للجهاد، انطلقوا لدولة تقاسم دولتهم الحدود من باب التمويه..
    في طرفة عين كان كل واحد منهم في سجن مظلم وحيد، غرباء في المكان والزمان..
لم يشأ الله لرحلتهم الجهادية بالاستمرار، نقلوهم لبلدهم سجناء..
فتشوها، وعذبوها، وطادروها، واحتجزوا قرة عينها..
لم تيأس.. وكذا هو..
   استمرّ ذلك لعدة سنوات ثم منَّ الله عليه فأخرجه من السجن في أعقاب ثورة عارمة..
ثم رزقوا بولد جميل..

    صمدوا طويلًا، وقدر الله له السبيل بالهرب من هؤلاء الكائنات التي لا يمكن أن نسميها بشر..
وخرج عن البلاد لبلاد يكمل فيها مسيرته الجهادية..
لم تحتمل البعد، ولم تطِق الفراق، ولم ترد أن يذهب وحده لله..
قابلتني قبل أن تذهب.. وفكرت كثيرًا لعلها لن تعود.. 
كان لقاء متسارع.. نسابق فيه الزمن نحكي عن مشاعرنا أو عن ما لم يكتمل من أحاديث سابقة، رسائلهم، لقائاتهم، معاناتها..
كانت وهي لازلت تتحدث عن ماضيها تعيش واقعًا خفيًا في قلبها لم يمكنها البوح به، ولا مشاركتنا به..
وكم يعظم ذلك .. 

روحها المرحة المتقبلة لكل الاحتمالات كانت تجعلني أمام نفسي أشعر بالمهانة.. 
رحلت إليه، وبعد بضعة أيام يقدر الله له الرحيل غريب مجاهد ونسأل الله أن يتقبله شهيدًا..
ومنذ ذلك الزمن وأنا أتخطى حدود الكلمات لأحاول أن أهنئها ولا أستطيع..
أيا زوجة الشهيد .. هنيئًا لكِ..
هنيئًا لكِ قلبك وثباتك، لست أمتلك حروفًا أبثها لكِ..
ولا أملك سوى الدعاء، تذكري يا حبيبتي دومًا أنّ أشقى أهل الأرض أشقاهم، حين يشمّ ريح الجنّة ويرفل لحظة في نعيمها ويخطف نظرة لأشجارها ..وقصورها سيصدح بها قلبه: “والله يا ربّ ما رأيت شقاء قطّ ” !! أرأيتِ!؟ صارت الدُنيا كل الدنيا وكأنّها عَدَمْ!
كل أوقات البكاء، وغصات الوجع، وضيق النفس، وأنات القلوب، وشهيق الليل،

ووحشة الطريق، وغصة الدموع، وحشرجات الشجن، كلها إلى زوال..

لا بأس يا قُرّة عينه وقلبه.. أنتِ [زوجة الشهيد بإذن الله]..
لله ما أعطى، وله ما أخذ، وكُلّ شيء عنده بمقدار..
لم أستطع أن أقولها لكِ مباشرة..

 وكلما مرت الأيام، وكلما أرى ثابتك يوجعني قلبي أكثر.. 
 استودع الله قلبكِ يا حبيبتي.. 
بين طرفة عين وانتباهتها قد تكونين وشهيدكِ في قصركما تتنعمان سويًا بإذن الله فاثبتي حتى اللقاء..
أسأل الله  أن  يمن على ضعف قلبك بالقوة، وأن يربط على فؤادك كما ربط على فؤاد أم موسى عليه الصلاة والسلام..

كوني كما كنتِ معه قوية مجاهدة، اكملي المسير..
اجعليه يبتسم ويُباهي أهل السّماء بثباتكِ وصَبركِ..
آواكِ الله وشهيدكِ في فراديس جنّته 
وأقر عينكِ بولدكِ يا حبيبة..


ذكرى للتاريخ يا صغيرتي



ذكرى للتاريخ يا صغيرتي 



لازلت أذكر جيدًا يوم ولادتك  جيدًا.. وكم كانت فترة وجودك ببطن أمي طويلة بالنسبة لي
وكم شعرت بالغيرة لكونك دومًا مع أمي بينما أنا أُحرم منها أحيانًا
لن أنسى أني أول من رآك .. وكم شعرت بالفخر كوني فتاة ساعدت أمها على تحمل الألم قبل ظهورك 
ثم أبعدونا عنكِ حتى لا نؤذيك كنت يومها في حالة مستعصية
وكان لدي اختبار قرآن عند أستاذ محمد رحمه الله تعالى 
.. 
وبعدها بكم شهر اغتربنا
 لن أنسى حديث نفسي عنكِ حينها .. 
كم كنت أقول كيف ستعيش بعيدًا عن كل شيء جميل هنا 
كبرت يا صغيرتي كثيرًا :) 
ولم أشعر بذلك، مازلت بعيني تلك المدللة التي أحافظ على وجودها بعيدًا عن حدود الخطر 
وحدود " الحمام" أكرمك الله أكثر 😛 

..
مرت الأيام سريعًا، أؤمن بأني كنت أقسو عليكِ كثيرًا وليكن في بالك أني أحبك كثيرًا 
أحب صغيرتي التي لا ترى الصغر صغرًا لأننا معها 
أحب تلك الفتاة.. دومًا أراها متميزة..
وليكتب التاريخ كم تعبت معك :) وكم أرهقت نفسي للركض خلفك أنت وزياد ومروان وبسنت.. 
في تلك الحديقة التي أظنك حفظتِ تاريخ بلاطها أكثر من بانيها..
وكم مرة استيقظت قبل أن تشتد الشمس لتكتسبي من ضياء الشمس نفعًا .. 

أتعلمين.. سأخبرك بسر لعلي أول مرة اعترف به أمام نفسي..
رغم أنه مر عليه بداخلي بعدد أيام عمرك أو أقل قليلًا.. 
لطالما كانت أمي حين تحثنا على أخذك للحديقة للترفيه والانتفاع بضوء الشمس تقول: 
"حينما ترينهم يلعبون حولك مسرورين ستشعرين بالسعادة وكأنك أنت من لعبت كما كنت أشعر أنا أيضًا معكم"..

ولطالما كنت أفكر في تلك العبارة في طريق الذهاب للحديقة وحتى يومك هذا.. 
وأقول يالله يا أمي أنت طيبة وصبورة لذلك تشعرين ذلك أما أنا :/ 

ولكني حقًا كنت أشعر بالسعادة حينما أراك تضحكين وتركضين هنا وهناك، وكأن الدنيا بعيني شيء آخر وحين أعود للبيت وتسألني أمي عن شعوري..  كنت أنكر رغم سعادتي.. 
ولتعلمي أني أقص عليك ذلك لأجعلك تدركين مدى صبري وطيبتي كما أمي تمامًا.."حفظ الله أمي" :)) 

في هذه الذكرى اللطيفة .. 
أتمنى أنكِ أدركتِ كم أنت مختلفة كثيرًا عن صديقاتك، وستظلين تلحظين ذلك.. 
وأرجو أن تقودك تلك الملاحظات لإصلاح نفسك أكثر، وحتى إن شعرت بغربة بين العالم..
ولا تقودك تلك الملاحظات للإنحدار بنفسك نحو السوء، لتثبتي للعالم أنك أكثر من طبيعية.. 

فالغريب يا صغيرتي في هذه الأيام أفضل بكثير من العبيد.. 
الغريب يا صغيرتي عليه أن يتبع نهج الدين بالحرفية، سيسلم كثيرًا.. 
وأهم سلامة يجب عليك مراعاتها.. هي سلامة نفسك وقلبك.. 
إن سعيتِ لسلامتهم سلمتِ مما عداهما بتوفيق الله وتيسيره لكِ..

لن أطيل عليكِ.. سأترك بعض الذكريات والنصائح مدفونة لحينٍ آخر..  
وأحببت أن يكون هذا اليوم أكثر تميزًا من غيره، وأرجو أن أكون فعلت.. 


إليك يا أخي



     في كل مرة أحاول أن أخط أحرف من مودة.. أحاول أن أظهر لك أمور قد تغيب مع دوامة الحياة 
يتلطف قلمي حينًا ويشح أحيانًا أخرى.. يسبقني الفكر مرة وأستعطفه أخرى..
لكني قررت أن أكتب علّ ما بيننا ينجلي وتلك الهواجس تزول.. وأعلم أن حروفي لن تكفيك.. 
لكنها كل ما أملك..
فلا أعلم طريقًا يخفف حدة المواقف مثلها.. وأعلم أن رسائل كتلك تسعدك..

أعاتب نفسي حينًا حين أتأخر عنك في الكتابة .. لكنني أحيانًا أريد أن يكون لعتابي صوت أبثه إليك.. تسمعني فتجيب..

افهم ما يحدث لنكمل الحديث.. 
حروفي مجرد حروف انسكبت من أعماق الروح فتسابقت دون تنظيم..
عندما جالت بخاطري كلمات.. لمن هو على قلبي حليم.. 

تساءلت..
ما هي أكثر الأشياء التي كنت أتمنى أن أقولها لك؟!
ما أكثر المشاعر التي أردت أن أبثها إليك؟!
 و لكني عندما أردت أن أكتب هذه الرسالة، ظلت جملة واحدة تتردد على لساني، لا أدري لماذا؟
لكنها لازمتني فمنعتني عن التفكير "لو كنت تعلم كم أقدرك يا أخي.. لرأيت ألمي أن تكون بعيدًا".. 
و هاهو صداها ينبعث في قلبي في صوت عذب رخيم.. 

أخي لو كان الشكر يشترى لاشتريت كل شكر الأرض.. لكني اعلم أنه لن يكفيك حينها..
فجزاكَ الله عني خير الجزاء.. 

شكرًا ...
شكرًا لك من كل قلبي على ما وهبتني، فأنت و الله يا أخي كما قال فيك جل من قائل: نعمة مرسلة، قال تعالى:" فأصبحتم بنعمته إخوانًا"..
فشكرًا لك يا أخي على تلك الابتسامة اللطيفة التي تشق بجمال نورها ظلام قلبي، فتمسح ما به من هموم و أحزان..
شكرًا لكل الموانئ التي منحتني إياها لأرسوا بها.. أشعر فيها بكل أمان واطمئنان.. شكرًا لعمق العطاء.. 

واعتذر على غيابي، وعتابي، لكني حقًا سطرت لك هذه الرسالة، وكلي أمل أن أرى وجهك المشرق، وأسعد بابتسامك اللطيفة التي لم ولن أنساها..
وأن يجمعنا الله على سرر متقابلين ..